يتذرع البعض بلغة سياسية هشة غير واعية ان العلاقات الدولية تبنى على مصالح الدول التي تستلزم عدم أخد مواقف حدية في معرض دفاعه عن بناء علاقات للقيادة السورية الجديدة مع إيران وفتح الأذرع واحتضان عملائها..
الى هؤلاء اقول هناك فرق شاسع في العلوم السياسية بين البراغماتية (السياسات المبنية على الواقعية في المصالح الوطنية) والميكافيلية (السياسات النفعية المادية البحتة اللا اخلاقية).
المذهب البراغماتي يجيز للدول التحلي بالواقعية تجاه بناء سياسة مصالح وطنية حقيقية داخلية وخارجية والتي جزء أساسي منها مراعاة القيم الانسانية والوطنية (بحسب كل ثقافة وبالنسبه لنا هي قيمنا الاسلامية والحضارية الانسانية) وبخاصة قيم تحقق العدالة والمحاسبة القضائية.
في حين يدعو المذهب الميكافيلي الى النفعية البحتة اللا اخلاقية المستندة الى سياسة مادية طاغية لا تقيم وزن لاي قيم وتجتهد بعقول اصحابها التبريرية الى تاويل كل موقف بنهج (تبليس ابليس) لتبرر لنفسها وحلفائها كل فعل سياسي نفعي خالي من القيمية
فعند مقارنة إيران باسرائيل وامكانية عقد هدن وسلام معهم يرتكب أمثال هؤلاء تضليل اعمى..
فاسرائيل عدو ظاهرة عداوته وبينة وتخضع لقوانين الحروب من الهدن والسلام والحرب
{ وَقاتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ الَّذينَ يُقاتِلونَكُم وَلا تَعتَدوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ المُعتَدينَ § وَاقتُلوهُم حَيثُ ثَقِفتُموهُم وَأَخرِجوهُم مِن حَيثُ أَخرَجوكُم وَالفِتنَةُ أَشَدُّ مِنَ القَتلِ وَلا تُقاتِلوهُم عِندَ المَسجِدِ الحَرامِ حَتّى يُقاتِلوكُم فيهِ فَإِن قاتَلوكُم فَاقتُلوهُم كَذلِكَ جَزاءُ الكافِرينَ § فَإِنِ انتَهَوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ }[ البقرة: 190 – 192]
اما إيران فعدو غير ظاهر وهي بحكم المنافق الظاهر نفاقه وهؤلاء لا يخضعون لقوانين الحروب بل قوانين المجتمع وبناء الدولة نفسها والتمكين فيها، وهذه لا يصلح معها ما يصح في العلاقات الدولية مع العدو الظاهر.
{ فَما لَكُم فِي المُنافِقينَ فِئَتَينِ وَاللَّهُ أَركَسَهُم بِما كَسَبوا أَتُريدونَ أَن تَهدوا مَن أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبيلًا § وَدّوا لَو تَكفُرونَ كَما كَفَروا فَتَكونونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذوا مِنهُم أَولِياءَ حَتّى يُهاجِروا في سَبيلِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوا فَخُذوهُم وَاقتُلوهُم حَيثُ وَجَدتُموهُم وَلا تَتَّخِذوا مِنهُم وَلِيًّا وَلا نَصيرًا }[ النساء: 88 – 89 ]
واذا كان هؤلاء يسوغون بلا ادنى قيم لا دينية ولا وطنية فتح صفحة جديدة مع إيران وعملائها فمن باب اولى فتح صفحة جديدة مع المجرم بشار وازلامه فكلاهما وغل في الدم السوري من مامن ومكمن وليس من عداء ظاهر…
على الاقل يظل النظام المجرم وازلامه سوريون وجزء كبير منهم عاش وفتن في مواقفه… هذا اذا كان هناك فعلا أي لغة سياسية فيها ادنى قيم ممكن ان تقبل ذلك.
لكن اقول الى هؤلاء الميكافيليين ومعظمهم من احزاب وحركات اسلاماوية تتذرع بالاسلام للوصول الى السلطة او من مؤيديهم على غير هدى:
للأسف ما اضر بالاسلام والاوطان مثلكم اشتغلتم بالسياسة من غير وعي سياسي حقيقي تحت شعارات إسلامية خاوية من اي قيم تطبيقية سوى النفعية البحتة ضاربين بعرض الحائط من خلال مذهبكم الميكافيلي وعقلكم التبريري لنصوص القرآن الواضحة وسنة الرسول ص في السياسة وبناء الأنظمة السياسية متلوثين باسوء ما في المذاهب الغربية من تعاليم ومناهج سياسية.
فلا أنتم بالذين رحمتم انفسكم فتعلمتم ..
ولا أنتم بالذين رحمتم اوطانكم من جهلكم وقيمكم المشوهة.
فاتئدوا فان الزمن ووعي الشعوب تخطاكم، وأوبوا الى قيم الاسلام وسنن كتابه ومقاصده ترشدوا.