[rank_math_breadcrumb]

ديوان معراج إلى سدير القلب

ديوان الشعر

ديوان معراج إلى سدير القلب

في مهد الشعر سأل عنترة: “هل غادر الشعراء من متردم … أم هل عرفت الدار بعد توهم”، وفي ذروة سنام مجده سأل أبو الطيب: “بأي حق تقول الشعر زعنفة … تجوز عندك لا عرب و عجم” ، وفي عصرنا سأل نزار قباني: “من أين يأتي الشعر يا قرطاجة … وحدائق الشعر الجميل خراب”. لطالما كانت قضية الفرادة والتجديد في الشعر العربي تحدٍ يواجهه الشعراء العرب عبر العصور، فيندب بعضهم تردي حال الشعراء المعاصرين له مقارنة به كما في حال نزار وأبو الطيب، في حين يذهب البعض إلى أن الشعراء قد ذهبوا بالشعر كله فمن أين يأتي بالجديد في الشعر، وهو كما كان في حال عنترة وكثير من الشعراء في كل العصور.

إن الخصوصية الفنية والأدبية والفكرية التي يمتاز بها الشعر العربي بين العاطفة والخيال والموسيقى والفكر تجعل منه تحدياً إبداعياً حقيقياً تصطدم به قرائح الشعراء وذائقة المتلقين على حد سواء، فيقفون منه موقف الرهبة إلقاء وتلقياً كلما جاؤوا يحاولوه.

وأنا إذ أحاول الشعر ههنا أجدني أحق الناس بكليهما رهبة الشاعر وتهيب القارئ في ذات الآن.

فذائقتي كقارئ لشعري تغلب قريحتي كشاعر لقصائدي، ولطالما كان هذا الأمر تحدٍ يحول بيني وبين الكثير مما أحاوله من قصائد.

لكن ما إن أتذكر قولاً حكيماً قراته يوماً للشيخ عبد الفتاح أبو غدة يقول فيه: ” كم أماتت رغبة الكمال إنجاز كثير من جليل الأعمال، كما أمات التراخي والتسويف كثيرًا من فريد التآليف”، حتى أقتنع ان المر ء يحاول إذ يحاول ذاته لا سواها حين  يحاول تقديم عمل إبداعي او فكري، فهو يقدم خلاصة ذاته وهي بحد ذاتها فرادة إنسانية بالغ ما بلغت من التواضع او الإبداع الفكري أو الأدبي،  فمثل تلك الفرادة التي يتغياها أي مبدع لا تتأتى إلا إن اعتصرتها المحاولات الناضجة المتكررة تارة بعد أخرى، ولم تختبئ وراء انصاف المشاريع وخجول المحاولات.

ربما قد كتبت هذه القصائد على مدار أعوام عديدة وطويلة، لم يربط بينها يوماً شيء إلا اللهم قلب الشاعر وهذا الديوان، لذلك كانت تلك القصائد معراج تناهت به الروح نحو سدير القلب، فشاءت الأقدار أن تلده بين دفتي هذا الديوان كطفل المهد  ببشارة الكلمة، يحمل من البشارة أكثر مما يحمل من مضج.

أيمن قاسم الرفاعي

كوالالمبور – ماليزيا

29/04/2024م

 

Scroll to Top